التنظير لما بعد فشل ثورة 25 يناير و إنتصار الثورة المضادة

لابد من الإعتراف أولا أن ثورة 25 يناير إنتهت و فشلت, بغض النظر عن الصراعات حول من السبب و من يستحق اللوم, يظل الواقع أن الثورة المضادة حاليا فى وضع جيد و متمكن, لكن أظن أن الفترة الماضية منذ تنحى مبارك كانت تحمل دروس سياسة كثيرة لشباب الميدان بل و كثير من شباب الإسلانيين الذين كان معظمهم يتعرفون لأول مرة على تعقيدات الواقع السياسى لشعب مصر.

مصر معجونة بالسلطوية فى تربتها و قوانينها و شرطتها و جيشها و أزهرها , لا يمكن تتغير مصر إلا بسلطة من هذة الطينة بشكل أو أخر, فكرة التغير الشامل لا تتم إلا بنزع الواقع الحالى من جذورة و هذا مستحيل إلا بحرب مسلحة و إضطراب شديدة لا يقبلة أغلبية المصريين, 25 يناير كانت ثغرة فى جدار يوليو الصلب حدثت بسبب وجود جمال مبارك فى الصورة و الإعلام و قلة من شباب شديد الشجاعة, أما فكرة سرقة الثورة و خطيئة التفاوض مع النظام القديم و بقية الأوهام فهى هراء لا يدعمة واقع على الارض من قلة قامت بثورة و هتفت الجيش و الشعب يد واحدة و فشلت فى أى إنتخابات و شعب حقا لا يريد مواجهة السلطوية و لهذا دلائل كثيرة:

أولا: شعب مصر فى معظمة لا يحب التغيير الجذرى العنيف و يفضل دائما الهدوء و الإستقرار, حتى لو هدوء صورى

ثانيا: الشعب المصرى فى معظمة لا يمانع السلطوية و فرض الرأى على المخالف, بل بعضهم يرى هذا حقا اصيلا للشرطة و الجيش بدون أى سند قانونى

ثالثا: دولة يوليو و فى قلبها المؤسسة العسكرية هى من تحكم مصر و هناك قطاع كبير من الشعب يؤيدها بحق

رابعا: فشل شباب إئتلاف الثورة فى التفاوض مع دولة يوليو ممثلة فى المجلس العسكرى حينها, و ايضا فشل الإخوان بعد أن تم خلع مرسى, بما يعنى أن فكرة التفاوض مع دولة يوليو تحتاج لتفكير كثير و إبداع أكثر

خامسا: معظم التيارات الشبابية و اليسارية و الليبرالية لديها ضعف شديد فى قدراتها على جذب الناخبين, تقريبا لا يمكن الإعتماد عليهم إنتخابيا للفوز بأغلبية تؤسس حكومة ثورية

سادسا: مشاكل الإقتصاد المصرى مزمنة و الحلول الحقيقية مؤلمة, كل الوزراء بعد خلع مبارك تقريبا إتبعو نفس السياسات على الرغم انهم كانو من خلفيات سياسية مختلفة, لأن الواقع قاهر و يفرض على أى وزير إختيارات محدودة

سابعا: الشرطة المصرية تبدو عصية على التغيير, فما بين نقص التدريب و الإعتماد على عساكر غير مؤهلة و زيادة العنف فى الشارع و تعقد المنظومة القانونية و ثقافة كثير من الضباط عن أنهم اسياد الشعب: تصبح فكرة تطهير الشرطة و تطويرها أمر شديد التعقيد

ثامنا: البيروقراطية المصرية ب6 مليون موظف أثبتت أنها عصية على التغييرو ان كثير من معاناة المصريين فى حياتهم يأتى من سوء الإدارة و ضعف خيالها و ليس الفساد فقط

تاسعا: المنظومة القانونية فى مصر معوقة للإبتكار, كثير من أفكار تحسين الواقع التى يخرج بها شباب الميدان تجدها تتعارض مع قواعد قانونية إجرائية مستقرة, مما يهدد أى مسؤل بالمحاسبة القانونية لو قرر ان يتبنى هذة الافكار الثورية

الأن الوضع كالأتى:


كفر كثير من المصريين بفكرة الثورة نتيجة إنخفاض أرزاقهم و إحساسهم بعدم الامان نتيجة أحداث الثورة و التفاعلات السياسة اللاحقة


 كثير من الشعب المصرى و مؤسساتة لا تؤمن بالديموقراطية الإجرائية بعد خلع أول رئيس مدنى منتخب بدون إجراء إنتخابات



 الجيش كمؤسسة واقعيا هو فوق كل المؤسسات سواء المنتخبة أو المعينة و لا يخضع إلا لقواعدة هو فقط


كثير من شباب الميدان اصابهم الإحباط و فقدو الأمل فى أى تغيير


 فكرة ثورة جديدة أمر يبدو غير واقعي, فهذة المرة السلطة مستعدة و لا يوجد جمال مبارك يجعل الجيش يقف على الحياد, كما أن فكرة الثورة فقدت كثير من جاذبيتها للشعب و كثير و كثير من اسباب نجاح 25 يناير لا تتوفر الأن


 عودة شكل من اشكال الدولة القمعية المسيطرة على الإعلام و القضاء و الشرطة و إن كان بشكل أقل من سيطرة دولة مبارك


 تيار إسلامى واسع و كبير و متغلغل فى المجتمع صار بينة و بين شباب الميدان عداء و لكنة لأول مرة منذ 40 سنة يبدو على عداء حقيقى مع النظام


محاولة لفهم تحالف 3 يوليو

هو التحالف العسكرى الذى اطاح بمرسى, تحالف يبنى شرعيتة على مظاهرات 30 يونيو و لكن قوتة الحقيقية فى وجود الدبابة فى الشارع و توافق تام مع الشرطة و الإعلام الذىن يعتبرون الإخوان عدو مصر , هذا التحالف بة وجة مدنى ديموقراطى مطلوب لإدارة بعض الامور فى الدولة و لكنة أيضا مطلوب حتى لا يدخل التحالف فى صراع مع شباب الثورة الغاضبون من تصاعد الإجراءات القمعية

تحالف 3 يوليو سيضرب بشدة فى شباب الإسلاميين و لكن سيكون حريصا جدا فى التعامل مع شباب الثورة المشاهير, حتى لا يفقد جزء من الإعلام المؤيد لة و لا يفتح جبهة صراع جديدة و يفقد بعض من وزرائة المؤيدين لة, هذا التحالف يستمد وجودة و تماسكة الأن فقط من وجود الإخوان فى الشارع و إستمرار صمود المظاهرات, التحالف يجمعة الأن أساسا الخوف من الإخوان لدرجة أن من رفضو دستور 2012 قد يوافقون على الدستور القادم الاسوء فقط حتى لا يقال أن الشعب رفض دستور لجنة ال50 لأنة يريد عودة الإخوان

تحالف 3 يوليو يدرك جيدا أهمية الدين لذا جمع حولة الازهر و حزب النور و الكنيسة على الرغم من التناقض الشديد بين ال3 أطراف, كما أن شكل معين من أشكال الدين يجمع أموال ضرورية من الخليج و يطمأن أمريكا التى لا تريد أن تتهم بأنها تعادى الإسلام الوسطى الذى يؤمن بالسلمية

ماذا يريد تحالف 3 يوليو؟

يصعب جدا الإجابة عن هذا السؤال, لكن من الممكن إستنباط بعض الأهداف التى تظهر من التسريبات و من الأخبار:


 تقليل تواجد الإسلاميين فى دوائر صنع القرار بمصر


هيمنة الجيش كوصى وطنى على بقية مؤسسات الدولة وخضوعة فقط لقوانينة, يظهر هذا بوضوح فى مسودة قانون مجلس الدفاع الوطنى التى تؤسس لأذرع داخل الدولة


 ديموقراطية محكومة بقواعد سلطوية, قواعد تحميها الداخلية و القضاء و يتدخل الجيش للتوسط حين حدوث خلاف كبير


 رأسمالية الإقتصاد مع إهتمام أكبر بالفقراء خاصتا صغار موظفى البيروقراطية المصرية


 عدم الدخول فى أى صراع أو خلاف حقيقى مع الخليج أو أمريكا أو إسرائيل


تحقيق إستقرار إقتصادى يقلل من إحتمال القلاقل الإجتماعية التى تغذى الثورات و الإنقلابات


بعض السيناريوهات التى يتحدث كثيرون عنها

أولا: ثورة فقراء نتيجة تدهور الإقتصاد و إرتفاع الاسعار: ظنى سيناريو بعيد و ليس واقعى, ثورة فقراء مثل 77 يسهل جدا إحتوائها بقرارت تسعير و زيادة مرتبات و تعليم و مواصلات مجانية حتى لو جاء هذا على حساب الموازنة العامة, يكفى بعد ثورة فقراء أن تقول أنك ستصادر أموال أغنياء لتعطيها لفقراء ليهدأ الناس, حتى لو قرارات التهدئة يصعب الحفاظ عليها مستقبلا و تضر الإقتصاد, لكن طبعا ستظل القلاقل الإجتماعية ذات البعد الغقتصادى تضعف فى تحالف 3 يوليو

ثانيا: ثورة الأحياء الشعبية نتيجة عودة قمع الشرطة, يبدو ايضا تصور بعيد فى تحقيقة لأى نتيجة, نشرت الشروق منذ أيام حوار مع عضو بارز فى المجلس العسكرى الذى قال أن 2011 كانت صعبة جدا لأن الشرطة كانت تلوم الجيش لأنة سبب إنهيارها, طبعا الأن الدبابت تحمى أقسام الشرطة و اصبحت إحتمالات إنهيار الشرطة أقل بكثير مما حدث فى 28 يناير, كما أن قمع الشرطة ليس بفجاجة ما كان قبل 25 يناير و إستعداهم ايضا للتعامل مع ثورة أحياء شعبية يبدو أعلى و أكثر ذكاء

الثورة الإسلامية: 4 أشهر من المظاهرات المستمرة منذ 3 يوليو, بدون دعم الأحياء الشعبية و بدون حياد الجيش و بدون تحالف واسع, يجعل هذة هذة الثورة بدون مستقبل ناجح, لكنها بالتأكيد تضعف تحالف 3 يوليو و تجعلة فى موقف دفاعى و غير قادر على إتخاذ إجراءات ديموقراطية و عدالة إجتماعية حقيقية, لكنها ايضا تقوية بعض الشئ فى إظهار الإخوان كعدو مشترك يجعل شباب الثورة يبعدون عن المشهد و كثير من الفقراء يخافون من إظهار غضبهم حتى لا يتهمو أنهم إخوان

 ما الذى يخيف تحالف 3 يوليو حقا؟

طبعا من الصعب التحديد و لكن من الممكن التكهن من التسريبات و الأخبار:

خلاف حاد بين القادة العسكريين, فمازال إلى الأن تتسرب أخبار عن خلاف بين المشير طنطاوى و قادة أخرين, خلاف حول فكرة الهندسة السياسة التى كانت ستمنع الإخوان من الوصول للسلطة و خلاف حول تسليم كرسى الرئاسة للإخوان نتيجة إنتخابات, هذة النوعية من الخلافات مرشحة جدا للتفاعل و مصر على ابواب تأسيس نظام سياسى جديد يؤسس لأهداف تحالف 3 يوليو


 خلاف بين الشرطة و القضاء و ربما عسكريين بسبب طريقة التعامل مع المظاهرات المستمرة و من يتحمل تبعية الدماء التى سالت, التاريخ يخبرنا أن مذابح مثل رابعة يتم محاسبة المسؤل عنها عاجلا أم أجلا, الحساب لا يعنى أن أحد سيعاقب, فدماء 28 يناير تم الحساب عنها و لكن تقريبا لم يعاقب أحد, السؤال المزعج من سيتحمل تبعية الحساب عن هذة الدماء و دماء أخرى قد تأتى من إستمرار التظاهر؟



 إستمرار الركود الإقتصادى بشكل يجعل مصر تطلب مساعدات متزايدة من الخليج, مصر دولة بها حوالى 85 مليون إنسان و عند لحظة معينة قد يفشل الخليج فى توفير المساعدات المطلوبة, هذة لحظة خطورة ليس بسبب ثورة الجياع و لمن بسبب التفكيك الشديد الذى ستسببة للدولة و المجتمع, تفكيك يضاف للمشاكل الإجتماعية الحالية


 حدوث تحالف بين مشاهير الثورة و شباب الإسلاميين بشكل منظم يدور حول سياسات إقتصادية و أمنية و ليس فكرة عودة مرسى, هذا تحالف قد يسبب تعاطف شديد من الاحياء الشعبية و يؤدى لضغط شديد يفجر تحالف 3 يوليو من داخلة, لكن يبدو هذا إحتمال بعيد جدا


 يتحدث البعض عن أن تحالف 3 يوليو يخاف من إنتشار العنف فى مصر, نعم قد يكون بعض اعضاء التحالف ذوى الخبرات الإقتصادية يخافون من إنتشار العنف, لكن فى الواقع العنف سيؤكد فكرة أن الإخوان و الإرهاب هو العدو مما سيجعل تحالف 3 يوليو أقوى و اصلب بل و يجعلة يتخلى عن أى جوانب ديموقراطية فى التحالف تدعو للتصالح


 الإنتخابات الرئاسية, حيث سيكون التزوير صعب و يحمل معة قلاقل شديدة و غضب من الغرب, كما ان صراع المرشحين للرئاسة قد يحمل فضائح متبادلة و قاسية و تظل النتيجة غير مضمونة فى ضوء إستمرار المظاهرات و صعوبة التزوير و إحتمال فوضى شاملة نتيجة الإنتخابات


سيناريو متوقع للمستقبل

ظنى ستتفاعل كل العوامل أعلاة لإنتاج سيناريو مصرى بنكهة مميزة: بمعنى ستتعرض لجنة ال50 لضغط شديد قد يؤدى لتأخر عملها, قد يحصل حزب النور على تنازلات كثيرة فى الدستور, يستمر الإخوان فى الشارع و تستمر المظاهرات, مشكلة إقتصادية تتفاقم و يزداد تدخل الخليج, قلاقل إجتماعية إقتصادية, حالة سيولة فى البلد لا تحكمها إلا الدبابة, قد تمر الإنتخابات و لكن ستخرج منها مصر أكثر تمزقا و تشتت, قد تتصاعد الأزمة الإقتصادية إلى حد يجعل الإخوان جزء من معادلة السياسة لكن بعيدا عن الرئاسة, ستظل مذبحة رابعا دوما عامل من عوامل القلق فى مصر بين مسؤل يتعهد بالتحقيق و المحاسبة و مسؤل ينكرها, عودة شباب الثورة للتجميع ضد الداخلية خاصتا لو مر قانون مكافحة الإرهاب, عودة العائلات الكبيرة المؤيدة للحزب الوطنى و ظهور دماء كثيرة فى إنتخابات مجلس الشعب, مشكلة دولار تظهر من حين لأخر, عودة أزمة البنزين, تخف قبضة الأامن فى أماكن و تقوى فى أخرى, صراع قضائى معقد مع بقية سلطات الدولة

بإختصار السيناريو المصرى سيكون مزيج من القلاقل التى ستظهر و تخف من وقت لأخر, إستمرار الشارع فى تقلباتة بين اطراف عديدة, قد تتغير التحالفات السياسة فى خلال سنوات قليلة, حكومة دوما ستكون ضعيفة, مشاكل إقتصادية تزيد و تقل حسب عوامل كثيرة و متداخلة : السيناريو المصرى فى ظنى سيكون لا إستقرار و لا فوضى 

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More